الثلاثاء، 26 يناير 2016

رسائل الثورة (3).. وطن بلا تعذيب!

منذ 5 سنوات حين قامت الثورة، تفاخر الجميع بأن الـ18 يوم منذ قيام الثورة وحتى رحيل مبارك هي أفضل أيام في حياة الجميع، الكل يشعر بحالة من الوطنية الشديدة، لا يسيطر على أحد سوى الرغبة في إحداث التغيير، اليوم نشعر بأننا أصبحنا أصحاب هذه الأرض.

أين ذهب كل ذلك اليوم؟ يمكن أن نقولها بأن ما حدث هو أن الثورة قُتلت في العديد، من الطبيعي حين تجتهد في عمل شيء ما ثم لا تحصد إلا نتائج عكسية أن تصاب بحالة من الإحباط، وتبدأ في التساؤل " ما الذي تغيّر؟ ماذا جنينا سوى الموتى والمصابين والمعتقلين؟ "

منذ 5 سنوات كان لكلمة الحلم والوطن والأمل وحتى التغيير معنى عظيم جداً يُدركه الجميع ويؤمن به، لأنهم يصنعون كل هذا، ومع مرور الوقت تراجع معنى هذه المسميات، وأصبح لا فائدة من وجودها، أي أحلام تلك التي لا نملك منها شيئاً!

واحدة من هذه الأحلام كان حلم الشاب " محمود محمد " معتقل التيشيرت، وهذه الجملة لم تخطيء قراءتها لأن محمود يتم حبسه احتياطياً منذ عامين بالضبط، أي منذ 25 يناير 2014! وذلك لأنه ارتدى تيشيرت مكتوب عليه " وطن بلا تعذيب! "، هذا شاب يحلم أن يعيش في وطن يحترم قيمة الإنسان ويقدره، كيف يُمكن أن نكافيء هذا الحلم؟ بالضبط مثلما فكرت أنت الآن، أن نقبض عليه ونعذّبه بسبب حلمه البسيط.

الجدع أحمد عبد الرحمن أحد معتقلين قضية مجلس الشورى، ما الجريمة التي ارتكبها؟
كل ما فعله أحمد أنه قرر الانتفاض لمجموعة من الفتيات اللاتي كان يُعتدى عليهم بواسطة الأمن، ولم يعجبهم أن يفعل ذلك الأمر فقبض عليه!

القائمة تطول بمن هم معتقلون بمثل هذه الأفعال التي تكرمهم الدولة عليها بالحبس في سجونها.

والحق أننا يجب أن نسأل " لماذا قمنا بالثورة؟ " السؤال الذي يجب أن تملك له إجابة فردية دون النظر إلى رأي الجماعة من حولك، فأنت لست بتابع! لقد قمنا بالثورة من أجل التغيير، تبدو إجابة رائعة جداً ولكم أحب أن أرددها في داخلي دائماً، لكن من أين يبدأ هذا التغيير؟

منذ وقت طويل سألت أمي سؤالاً اختلط بدموعي وأنا أقول " كيف لي أن أستمر وسط كل هذه الظروف؟ كيف لي أن أتابع المسيرة وكل من آمنت بهم يفقدون الأمل ولهم الحق في ذلك؟ "
أجابتني قائلة " لكل واحد طريقه في صناعة التغيير، وهناك من اتّخذ من المظاهرات طريقه لأنه يجيد السعيّ في هذا، وأنت تملك طريقاً آخر غير المظاهرات فـ عليك أن تستمر "

كل منّا له دور في صناعة التغيير، على الأقل من داخلك قبل أي شيء، فـ الثورة قامت لكي نعدّل من بعض السلوكيات الخاطئة التي كانت تُرتكب، فـ كيف سنحقق أهداف الثورة – ونحن المؤمنون – بها لا نلتزم بمثل هذه الأهداف!

هناك من تراجع لأنه دفع الثمن كثيراً جداً ولا يمكن أن نوجه له أي لوم، لكن هناك من بقي يحاول ويحارب لعله ينجح في صناعة الفارق!

ولإن بقينا جميعاً لا نحاول أو نسلّم بأن ما حدث قد حدث والحرب انتهت، فـ من ذا الذي سينصر محمود وحلمه في البحث عن وطنٍ بلا تعذيب! أو من سيحارب من أجل بطولة أحمد عبد الرحمن وما فعله؟

ربما في عالم آخر كنّا سنتحدث عن رفاهية التوقف، لكننا الآن في داخل المعركة بغير اختيارنا ونعاني أشد المعاناة ولا خيار أمامنا لأن الثمن تم دفعه من قبل وسيستمر بدون توقف.

فلنسعى جميعاً لإدراك التغيير الذي يجب أن نكون عليه من داخلنا لعل هذا يكون سبب في نجاح المحاولة، بل ربما سيكون هو السبب الأقوى لو أدركنا هذا فعلاً، ولتبقى نار المقاومة مشتعلة حتى إشعار آخر ولو في القلوب فقط، من فضلكم لا تطفئوها، فـ لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق